Tuesday, April 22, 2025
Google search engine

الانتخابات البلدية في بريتال: نحو مرحلة جديدة من التوافق والتنمية

لينا اسماعيل

الانتخابات البلدية في بريتال: نحو مرحلة جديدة من التوافق والتنمية

لطالما كانت بلدة بريتال، الواقعة شرق بعلبك، والتي يتجاوز  عدد ناخبيها 11 ألفاً، مسرحاً لما يعرف بـ”أم المعارك”، إذ لا سكة لقطار الحل فيها. 
تُعتبر هذه البلدة من أبرز البلدات في بعلبك – الهرمل، التي شهدت العديد من المعارك الانتخابية المحتدمة في الدورات السابقة، إذ تحولت فيها الانتخابات البلدية والاختيارية إلى ساحة صراع سياسي بامتياز، محاطة بسياج العائلات. في هذه الساحة، تلاقت قوى الثنائي الشيعي مع أنصار الأمين العام السابق لـ”حزب الله” الشيخ صبحي الطفيلي سابقاً (الذي لم يعد له نفوذ في البلدة) في صراع يتجاوز حدود العائلات.  

لكن، بريتال تبدو اليوم على أعتاب مرحلة جديدة في تاريخها الانتخابي، مغايرة تماماً لما سبق، إذ  تشير المعطيات الراهنة إلى أن البلدية تسير نحو ” التوافق والتزكية” بدلاً من المعركة التقليدية. فما هي رمزية هذا التحول، وكيف يؤثر ذلك في المشهد المحلي؟

تاريخ طويل من التنافس العائلي

قبل عام 2016، كانت الانتخابات البلدية في بريتال تعكس الصراعات بين العائلات الكبيرة في البلدة، والتي كانت تتحكم بقوائم المرشحين ونتائج الانتخابات.

توجت هذه “الكباشات” بمنافسة انتخابية حامية بين أنصار “حزب الله” من جهة، وأنصار الطفيلي من جهة أخرى، في انتخابات 2016. وعلى رغم أن الحزب كان يُعتبر إحدى القوى السياسية الكبرى في المنطقة، إلا أن المعركة كانت ضارية، إذ سعى الطفيلي بكل ما أوتي من قوة للحفاظ على نفوذه التقليدي في المنطقة. ومع ذلك، وعلى رغم شراسة المنافسة، تمكن الحزب من الظفر برئاسة البلدية عام 2016، ما أرسى قواعد جديدة في التاريخ الانتخابي للبلدة. ومنذ ذلك الحين، بدأت تتبلور رؤى جديدة حول إدارة الانتخابات فيها.

خطوة نحو التوافق والتنمية

اليوم في انتخابات 2025 ، يبدو أن البلدة تقترب من خوض تجربة جديدة تتمثل في “التزكية” بدلاً من المعركة الانتخابية التقليدية. هذه النقلة التي قادها إبن البلدة رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان والمسؤول عن الشؤون البلدية والاختيارية المركزية في حركة “أمل” بسام طليس، تعكس سعياً الى توحيد القوى المحلية وفتح الأبواب أمام توافق عائلي، متجنبين بذلك المنافسة الحادة التي كانت سمة الانتخابات السابقة.

قد تصبح الانتخابات في بريتال أكثر تنظيماً وسكوناً، إذ يعمل المسؤولون المحليون، بمن في ذلك الثنائي، على تفادي التصعيد أو المواجهات العائلية التي غالباً ما تؤدي إلى انقسامات عميقة داخل المجتمع المحلي. إن التزكية هنا لا تعني بالضرورة تقليص دور الأحزاب أو العائلات، بل تعبر عن رغبة في تجنب التصعيد السياسي وإيجاد حلول وسط ترضي جميع الأطراف. ويتزامن هذا الاتجاه مع تحول أوسع في المجتمع المحلي في بعلبك – الهرمل، حيث بدأت الانتخابات البلدية تأخذ طابعاً أكثر توافقاً مع الظروف الراهنة، بعيداً من الضغوط العائلية التقليدية.

ويؤكد طليس لـ”النهار” أن “استراتيجيات الانتخابات البلدية والاختيارية الحالية، تأتي في ظل التركيز الحثيث على انتخابات 2026، إذ يسعى “الثنائي” إلى توسيع نطاق التزكيات في سائر البلديات اللبنانية التابعة له من خلال جذب أكبر عدد ممكن من العائلات والمكونات، متجاهلاً التركيز على التنظيم الحزبي. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تشكيل قوائم جامعة، كما سيظهر في بلدة بريتال لتعزيز التوافق السياسي وتوسيع دائرة النفوذ في الانتخابات المقبلة”.

ويلفت إلى “أن القضايا تتركز على انتخابات البلديات كمسألة محورية تهم خدمة السكان وتطوير المدن بعيداً من أي صراعات حزبية”. يسعى “الثنائي” إلى ترسيخ التوافق بين العائلات من خلال تشكيل قوائم توافقية تضم أفراداً مؤهلين لتمثيل القرى والبلدات. وان التفاهم السابق بين الرئيس بري والسيد حسن نصر الله يجسد دور الثنائي في تخفيف الخلافات بين العائلات، ويعزز الثقة المتبادلة بين الطرفين.  وفي نهاية المطاف، تظل الأولوية في خدمة المجتمع المحلي وتقديم أداء بلدي فعّال، مع التأكيد على أن بعلبك تظل في صميم اهتمامات الثنائي”.

يعتقد المراقبون أنه على رغم الفوائد المحتملة التي قد يحققها هذا الاتجاه الجديد، تبقى التحديات قائمة؛ إذ إن بعض الأهالي قد يجدون صعوبة في استيعاب فكرة التزكية والتوافق، ما قد يؤدي إلى نشوء مقاومة انتخابية من بعض الأطراف.

ومع ذلك، يرون أن التوجه نحو التزكية يشكل فرصة ثمينة للبلدية لتحقيق أهدافها الإنمائية. ففي الماضي، كانت المنافسة العائلية غالباً ما تعوق قدرتها على تطوير مشاريع حيوية تخدم المجتمع المحلي. أما اليوم، ومع وجود تناغم بين القوى المحلية، أصبح بالإمكان العمل بشكل أكثر تنظيماً وفاعلية لتنفيذ المشاريع التنموية التي تساهم في تحسين الخدمات العامة وتعزيز البنية التحتية للبلدة.
ويعتمد طابخو التوافق على نجاح المجلس البلدي المقبل بفضل شخصية رئيس القائمة، المتوقع أن يكون رئيس البلدية السابق عباس زكي إسماعيل، نتيجة لإنجازات تنموية بارزة حققها خلال السنوات التي قضاها في رئاسة المجلس من عام 2004 حتى 2016، وما قدمه من خدمات الى الأهالي.

وفي ظل الظروف الحالية، قد تكون خطوة مهمة نحو تحقيق تنمية مستدامة في بريتال، تكون فيها الأولوية لمصلحة البلدة وأهلها،  وتالياً تُحسن من مستوى الخدمات المقدمة الى المواطنين، بعيداً من الانقسامات السياسية والعائلية التي قد تعوق تقدمها.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات

en_USEnglish